حبيتك رغم الظروف

author image

قصة رومانسية مغربية ( حبيتك رغم الظروف )

قصص رومانسية بالدارجةوالمغربية حبيتك رغم الظروف
حبيتك رغم الظروف قصة رومانسية بالدارجة

فواحد الصباح ديال الربيع، والشمس كتحاول تخترق ضباب الجبال اللي كتحيط بالدوار، فاق سامر مع زقزقة العصافير ونسيم خفيف كيهز ريحة شجر الزيتون. كان صباح عادي بالنسبة ليه، ولكن داخله كان كيحس بشي حاجة غريبة، بحال إلا القلب ديالو كان عارف باللي هاد النهار ما غيكونش بحال البارح.

فجهة أخرى من الدوار، كانت ياسمين كتشوف من شرجم الدار، عينيها برئين وقلبها عامر بالأماني. كانت بنت بسيطة، كتعشق الطبيعة وكتلقى راحتها فكتابة الخواطر اللي كانت كتمشي بيها بعيد، بعيد على الحدود ديال الدوار. مّامتها كانت ديما كتقول ليها:

"بنتي، راه القلب اللي صافي كيقدر يلقى النور حتى وسط الظلام."

فالنهار داك، تصادف سامر وياسمين فالسوق القديم، وسط زحمة الناس وصوت الباعة اللي كينادو على سلعتهم. كانت لحظة بحال البرق، عين بعين، ومرة وحدة حسّو بشي حاجة صعيب نفسروها. ما كانش ضروري يتكلمو، حيث النظرات قالت كلشي.

سامر، بارتباك واضح، جمع شجاعته وقال:

"السلام... واش ممكن نشري شي ابتسامة من عندك؟"

ياسمين، وخا قلبها بدا كيضرب بسرعة، جاوبات بابتسامة خفيفة:

"الابتسامات هنا مجانا..."

ضحكو بجوج، وبدات الهدرة كتمشي بينهم بلا ما يحسو بالوقت. حكا ليها سامر على حُلمو يكبر الورشة ديال والدو، وكيفاش كيحاول يكون شي حد فوسط هاد الظروف الصعيبة. وهي، بواحد الحماس نقي، عاودات ليه على عشقها للكتابة والرغبة ديالها تسافر وتشوف الدنيا بعينيها.

قبل ما يتفارقو، سامر قال ليها:

"كنتمنى يكون هاد النهار هو البداية ديال شي زوين..."

وياسمين، بواحد الصوت هادئ، ردات:

"يمكن القدر رسم لنا طريق خاص بينا..."

وتفرّقو، ولكن القلبين بقوا خدامين، كيحلمو وكيأملو. وكل واحد فيهم كان عارف باللي هادي ماشي صدفة، هادي كانت البداية ديال فصل جديد فحياتهم، فصل ديال حب ما زال الوقت باش يكبر ويواجه الزمان.

من بعد ذاك النهار اللي تلاقاو فيه فالسوق، ما بقاتش ياسمين كيف ما كانت. كل صباح كانت كتصحى وقلبها عامر بأسئلة ما كتساليش: واش غادي نعاود نشوفو؟ واش حتى هو حس بشي حاجة؟ وكانت كل ما تمرّ جنب نفس المكان فالسوق، عينيها كيقلبو عليه بلا ما تحس.

سامر حتى هو، بحال شي مسحور، كل مرة كيوقف قدام الدكان ديال العطار اللي كانت ياسمين واقفة قدامو، بحال إلا هاديك البقعة ولات مقدسة عندو. صحابو لاحظو التغيير، واحد منهم، كريم، شدو نهار وقال ليه بضحكة مشاغبة:

"آ سيدي سامر، مالك ولّيتي تابع السوق بحال اللي خدام فيه؟ ولا شي زين غزا القلب بلا ما تحس؟"

ضحك سامر بحشمة، ولكن عينيه كانوا كيهربو للجهة اللي شاف فيها ياسمين أول مرة.

وحد النهار، والقدر كالعادة لعب لعبتو، تقابلو من جديد. كانت ياسمين كتشري شوية أعشاب من عند مول العطار، وفجأة سمعت صوت سامر وراه:

"مازال كتحبي الأعشاب؟"

تفاجأت، ولكن بسرعة رسمت ابتسامة ديال ترحاب وقالت:

"ومازال كتعجبك الزهور اللي قدام الدكان؟"

ضحكو بجوج، وهادي كانت البداية ديال حوار جديد، ولكن هاد المرة ما وقفش بسرعة. سامر عرض عليها تمشي معاه نشربو شي قهوة فالمقهى اللي فجنب السوق، وهي، بعد تفكير قصير غلباتو العاطفة، وافقات.

جلسو على طاولة صغيرة، وبيناتهم كان صمت خفيف، ولكن ما كانش صمت محرج، بل كان بحال لحظة كتجمع الكلمات قبل ما تتقال. سامر بدا يهدر على الطفولة ديالو، كيفاش كبر فدار بسيطة ولكن عامرة بالحب، كيفاش ورشة والدو هي حياتو، وكيف كيحلم يكبرها ويزيد ينقش اسمو فالسوق.

ياسمين حتى هي، بصوت رزين، عاودات ليه على الكتابة ديالها، كيفاش الخاطر عندها بحال جسر بين العالم ديال الواقع وعالم الأحلام. قالت ليه:

"الورقة والقلم هما الصحاب اللي ما كيخونونيش، كنكتب باش نحس بالحرية."

العجب فهاد اللقاء ما كانش غير فالهضرة، ولكن فداك التفاهم العميق اللي بدا كيتبنى بينهم، بلا حتى واحد فيهم يشرح علاش.

قبل ما يمشيو، سامر، بواحد الجرأة اللي ما كانش عارف عندو، قال ليها:

"يمكن القدر ما بغاش هاد المرة يخلي اللقاء ديالنا صدفة، بغيت نشوفك مرة أخرى... ممكن؟"

ياسمين، وهي كتحبس ابتسامة خجولة، ردات:

"يمكن... علاش لا؟"

ومشا كل واحد فطريقو، ولكن القلبين ديجا بدات فيهم شرارة، وداك الشرارة كان مقدر ليها تكبر وتولي نار ديال حب، رغم كل ما جاي من عقبات...

الأيام بدات كتجري، وكل واحد فيهم، سامر وياسمين، ولاو عايشين بنص عقل. سامر صبح كيخدم ف الورشة وهو شارد، الحديدة ف إيدو والخيال ديالو بعيد، تاكله الصور ديال ياسمين وهي كتهضر، تضحك، وحتى وهي ساكتة.

ف جهة أخرى، ياسمين ولات كتجلس قدام الشرجم ديال غرفتها بالليل، كتشوف القمر وكتقلب ف داكرتها على تفاصيل اللقاءات ديالهم القليلة، ولكن العميقة. كلمات سامر كانت كتدور ف راسها بحال نغمة محفوظة:

"بغيت نشوفك مرة أخرى..."

ومع الوقت، اللقاءات بدات كتكثر، كل مرة بعذر مختلف. مرة سامر يلقى الصدفة ف السوق، مرة ياسمين تمر قدام الورشة وتوقف تسلم، وحتى فالأعراس والمناسبات ديال الدوار، كانو ديما كيقلبو على بعضهم بلا ما حتى شي واحد يلاحظ.

لكن، ماشي كلشي كان زوين. كيفما الحب كيجيب معاه الفرح، كيجيب حتى معه الرياح اللي كتقلب الموازين.

وحد العشية، وهما واقفين ف جنب الواد اللي كيسقي حقول الزيتون، سامر جمع كل الشجاعة اللي عندو وقال:

"ياسمين، خصك تعرفي باللي أنا... أنا قلبي ما بقى قادر يخبي. كنحس براسي كنقرب ليك كل نهار، وخفت نكون بوحدي فهاد الإحساس."

سكت شوية، وعينيه كانوا كيدورو ف ملامحها باش يلقا شي جواب، ولكن ياسمين كانت واقفة بحال الحجر، غير عينيها اللي كانوا كيضويوا بدموع خفيفة.

أخيراً، بصوت خفيف بحال النسيم، ردات:

"حتى أنا سامر... ولكن... عائلتي عمرها ما غادي توافق."

القلب ديال سامر تز، بحال شي سيف طاح عليه فجأة:

"علاش؟ واش حنا كنعيشو ف زمان الحب فيه ممنوع؟"

ياسمين عضات شفايفها بحزن وقالت:

"حيت بابا باغي يزوجني بولد عمي، رجل ميسور عندو تجارة ف المدينة، وبالنسبة ليهم، داك هو الضمان باش نعيش مرتاحة."

هاد اللحظة كانت فاصلة، كلشي اللي بدا زوين بدا كيتكسر قدامهم، ولكن سامر رفض يخلي داك الإحساس يموت.

شد يديها، وعينيه كانو كيلمعو بالعزم:

"ياسمين، الحب اللي بيناتنا أقوى من هاد العراقل. غادي نحارب، غادي نبني مستقبل لينا بجوج، حتى إيلا الدنيا كلها وقفات ضدنا."

دمعة نزلت من عين ياسمين، ولكن هادي المرة، ما كانتش دمعة ضعف، بل كانت بحال وعد صامت:

"أنا معاك، سامر، ولكن خاصنا نكونو مستعدين لأي حاجة."

وهكذا، فداك العشية قدام الواد، تزاد فصل جديد فقصتهم، فصل ديال نضال وصراع، حيث الحب ماشي غير مشاعر زوينة، بل قوة كتحارب، كتحلم، وكتواجه الدنيا بلا خوف.

مرت الأيام ببطء، وكأن الزمن كيشهد على ذاك السر اللي ولى رابط بين سامر وياسمين. لكن ما كانوش عايشين فهدنة، بالعكس، العاصفة بدات كتبان فالأفق، وغيوم المشاكل بدات تتجمع.

نهار السبت، فوسط الدوار، كانت الناس كجالسة فالساحة الكبيرة، كيهدرو فالأخبار اللي دايرة بين الجيران، والعيون ديالهم عامرين بالفضول. سمع الحاج عبد القادر، الأب ديال ياسمين، شي كلام كيقول باللي بنتو كتكثر من الهضرة مع سامر، وهاد الشي خلا الغضب يولّع فيه بحال نار شاعلة.

الليل، فدار ياسمين، السكون ديال العائلة تقطع بصوت الحاج عبد القادر القوي:

"ياسمين! جاوبي بصراحة، واش صحيح داك الهضرة اللي كنسمع؟ واش بديتي كتشوفي داك ولد الخضّار؟"

الأم بقات ساكتة، ووجهها فيه خوف واضح، خايفة لا تزيد النار تشعل. أما ياسمين، رغم رجليها اللي كانت كتتراعد، رفعت راسها وقالت بصوت خافت:

"آ بابا... كنشوفو."

الدنيا سكتت. الحاج عبد القادر بحل صخرة، ملامحو جامدة، غير الصوت ديالو اللي خرج قاسي:

"وش كتعرفي شكون هو؟ ولد على قد الحال، خدام مع باه فالسوق، وعمرهم ما غادي يقدرو يوفرولك العيشة اللي كنت باغيها ليك. آش درتي فراسك؟"

ياسمين حسات بدموعها باغية تخرج، ولكن حابساها، حيث ما بغات تبان ضعيفة قدامو. حاولات تهدر بهدوء:

"بابا، سامر ماشي غير ولد السوق، راه إنسان طيب، كيحلم، وكيخدم بعرق جبينو، وهاد الشي اللي عجبني فيه."

الأب ضرب الطابلة بيده بقوة:

"الحلم ما كيعيش الناس، ياسمين! ولد عمك عندو تجارة، وعندو دار ف المدينة. راه هو مستقبلك!"

الأم حطت يدها على كتف الحاج عبد القادر، كتحاول تهديه:

"آ عبد القادر، خفف عليها، راها مزال صغيرة..."

ولكن العينين ديالو كانوا كيشعلو بالغضب:

"هداك الصغير كبر، ولا خاصو يعرف شنو هو الصح من الغلط!"

فنفس الوقت، سامر كان فالورشة، لكن هاد المرة بلا تركيز. كل ضربة على الحديد كانت بحال تفريغ للغضب اللي بدا يكبر فيه. صاحبو كريم جا عندو وقال:

"سامر، راه الأخبار كدور ف الدوار... كيقولوا باللي الحاج عبد القادر سمع بكلشي. شنو ناوي تدير؟"

سامر، والعرق كيقطر من جبينو، رد بصوت هادئ ولكن فيه نار مخبية:

"غادي نقابل الحاج عبد القادر، وغادي نقول ليه باللي نيتي صافية، وباللي أنا مستعد ندير المستحيل باش نكون أهل لبنتو."

كريم تحرك غير هو كيضحك بمرارة:

"وخا تعرف باللي راه أصلاً رافضك بلا ما يسمعك؟"

سامر، بعزم ف عينيه:

"إيلا بغيت نربح حب ياسمين، خاصني نواجه الخوف، وناخد حقي فالكلمة."

وفهاد الليلة، بدا فصل جديد من الصراع، حيث سامر وياسمين ما بقاش عندهم غير الحب فقلوبهم، ولكن حتى قوة كتحارب باش تحافظ على داك الشعور، رغم العواصف اللي بدات كتحوم حولهم...

مع طلوع الشمس، سامر شد نفس عميق وخرج من الورشة، عينيه كانوا مركّزين، والقلب ديالو كيدق بحال الطبل، ولكن ماشي خوف، بل استعداد. اليوم، قرر يوقف قدام الحاج عبد القادر، ويواجه هاد العاصفة اللي كتهدد الحب ديالو لياسمين.

فالدرب، الناس كانت كتراقب بصمت، عارفين باللي شي حاجة غادية توقع. واحد العجوزة دارت ف ودن صاحبتها وقالت:

"الله يستر، هاد سامر ما عارفش راسو فاش داخل..."

ف دار الحاج عبد القادر، الجو كان مشحون. ياسمين كانت جالسة ف الركن، وقلبها عامر بالقلق، و الأم ديالها كتحاول تبرد الأعصاب، ولكن الحاج عبد القادر كان بحال جبل، جالس بملامح صارمة، كيوجد ف كلمات قاسية باش يرد بيها.

فجأة، طلق الباب صوتو. سامر وقف فالمدخل، لبس قميص نظيف، ولكن يديه كانوا كيحملو أثر الخدمة فالورشة، وهاديك الصورة زادت غضب الحاج:

"آش جابك هنا، سامر؟"

سامر تقدم خطوة وقال بصوت واضح:

"جيت نهدر معاك، الحاج، بكل احترام."

الحاج عبد القادر ضرب الطابلة بصبعه:

"ماكينش على ما نهضرو! واش انت ما فاهماش؟ بنتي مكتخصكش!"

ياسمين من الجنب قالت بصوت مرتعش:

"بابا، عافاك، خليه يهدر..."

الأب التفت ليها بعينين محمرين:

"سكاتي ياسمين! أنا عارف مصلحتك أكثر منك!"

سامر شد نفس، وبنبرة هادئة ولكن ثابتة، قال:

"الحاج، أنا ما جيتش باش نتحداك، ولكن جيت باش نقول ليك باللي نيتي صافية. كنحب ياسمين، وكنبغيها تكون زوجتي، وأنا مستعد نخدم ليل ونهار باش نوفر ليها كلشي تستاهلو."

الحاج عبد القادر ضحك بمرارة:

"حب؟ الحب ما كيجيب لا الدار لا الكسوة. شنو غادي توفر ليها، سامر؟ الزريعة ديال السوق؟ ولا الحديد اللي كتدق عليه ف الورشة؟"

سامر بقا صامت، ولكن عينيه ما تحركوش، ثابتين بحال جبل:

"أنا ما عنديش الفلوس دابا، ولكن عندي العزيمة، وغادي نكبر الورشة ديال والدي، وغادي نبني دار حتى إيلا كانت صغيرة، وغادي نصون بنتك. أنا ما كنطلبش منك الفلوس، كنطلب منك غير فرصة."

اللحظة تسكت فيها الدار، وحتى ياسمين بقا قلبها كيضرب بزاف، حيث الكلمات ديال سامر كانت كتخرج من القلب، بحال واحد اللي مستعد يواجه الدنيا كلها على ود الحب.

الأب خفض راسو شوية، ولكن صوتو بقى بارد:

"النية مزيانة، ولكن النية بوحدها ما كتعيّش الناس. ولد عمي جاي الأسبوع الجاي باش نشوفو تفاصيل العرس، وياسمين غادي تكون زوجتو، هادي هي النهاية."

دموع ياسمين بدات كتلمع فعينيها، وحسّت بحال القلب ديالها تعصر، ولكن سامر بقى واقف، عارف باللي المعركة مازال ما سالاتش.

خرج سامر من الدار، ولكن قبل ما يمشي، قال بصوت مسموع:

"الحاج، يمكن تكون سديتي الباب دابا، ولكن حبّي لياسمين غادي يبقى، وغادي نرجع... حتى إيلا كانت آخر حاجة نديرها ف حياتي."

ومشى، وخلفو ياسمين بقات كتشد في طرف ثوب جلابتها، وعقلها كيدور: كيفاش غادي ندير؟ واش حبنا غادي يصمد؟

وكانت هادي البداية ديال معركة جديدة، ما بين العاطفة والعناد، بين القلب والعقل...

الليل نزل على الدوار بحال غطاء ثقيل، والنجوم كانت كتلعب ف السما بحال شموع بعاد. ياسمين بقات جالسة قدام الشرجم ديال غرفتها، وكل مرة كتشد طرف الجلابية ديالها وكترخيه، كتحس بداخلها واحد العاصفة كتكبر. سامر خرج من دارهم ذاك النهار، ولكن الكلمات ديالو مازالا كترن ف ودنيها:

"غادي نرجع... حتى إيلا كانت آخر حاجة نديرها ف حياتي."

الوقت ما بقاش كيعني والو، الأيام ولاو بحال بعضهم، ياسمين محبوسة وسط الضغط ديال العائلة، وسامر عايش ف الورشة، ولكن عقلو مسافر معاها. غير هو، القرار اللي خذا كان واضح: ما غاديش نستسلم.

فداك الليل، ياسمين خرجات للسطح، وكانت خدامة كتقلب ف عينيها على طرف ديال الحرية. فجأة، من بعيد، سمعات صفارة خفيفة، نفس الصفارة اللي تعودات عليها. حركات عينيها لهيه، وبالفعل، كان سامر واقف بعيد تحت الزيتونة الكبيرة، وكيشاور ليها بحركة صغيرة باش تنزل.

قلبها بدا يدق، ولكن الخوف كان حاضر، ورغم ذلك، حطات طرف الشال على راسها، ونزلات بلا صوت، كتحس براسها بحال حجرة كتمر بين زناقي الدوار.

كيف وصلت لعندو، سامر قرب ببطء وقال بصوت مبحوح:

"معرفتش واش غادي تجي ولا لا..."

ردات عليه وهي كتقلب ف عينيه:

"مكنتش قادرة نبقا ساكتة... بغيت نعرف، سامر، شنو غادي نديرو؟"

تنهد سامر وقال:

"خاصنا نكونو أقوى من اللي كيدور حولينا. ياسمين، أنا خدام على واحد الخطة... غادي نحاول نكبر الورشة، نخدم مع المعلم حسن اللي معروف فالمدينة، وغادي نبدا نجمع الفلوس. إيلا وريتهم باللي عندي مستقبل، يمكن الحاج عبد القادر يبدل رأيو."

دموع صغيرة طاحت من عين ياسمين، وبصوت مكسور قالت:

"ولكن الوقت سامر... والوقت ضدنا، بابا باغي يزوجني بولد عمي هاد الشهر!"

سكت سامر للحظة، وشي ضوء ديال العزم شعل ف عينيه:

"ما غاديش نخليك... حتى إيلا اضطرينا نهضرو معاه مرة أخرى، ونورّيوه باللي الحب ديالنا أقوى من أي قرار مفروض."

ياسمين قربات، وشدات يد سامر بحذر، بحال اللي خايفة شي حد يشوفهم، ولكن القوة اللي كانت ف لمستهم خلات سامر يزيد عزمو.

"أنا معاك، سامر، حتى النهاية."

وتحت داك السما المثقوبة بالنجوم، تزاد وعد جديد بيناتهم، وعد ديال الكفاح، ديال المعاندة، ووعد بأن الحب ديالهم ما غاديش يكون ضحية للظروف...

الصبح ف الدوار كان ديما كيبدا بنفس الإيقاع: أصوات ديال الدجاج، نباح الكلاب، وريحة الخبز اللي كتخرج من بيوت النساء اللي كيسبقو الشمس باش يوجدو الفطور. ولكن هاد الصبح ما كانش بحال العادة… كان ثقيل، بحال شي عاصفة ف الطريق.

سامر بقا خدام ف الورشة، ولكن عينيه ما كانواش كيركزوا ف الحديد اللي قدامو. كل ضربة ديال المطرقة كانت كتجاوب وحدة ف قلبو. الخطة اللي حطها البارح مع ياسمين كتدور ف بالو بلا توقف: خاصو يكبر شغلو… خاصو يبهر الحاج عبد القادر بأي طريقة!

فجأة، دخل عليه المعلم حسن، رجل ف الأربعينات، معروف ف الدوار والمدينة كمعلم ديال الحديد والخشب، واحد الإنسان اللي كيقدر الموهبة، ولكن كيآمن بالخدمة والجدية.

  • "آ سامر، ولدّي، مالك شارد؟ راه الحديد ما كيحبش اللي عقلو فالسماء!"

سامر ابتسم باعتذار وقال:

  • "معذرة معلمي… غير كنت كنخمم ف شي حاجة."

المعلم حسن قعد قدامو، وعينيه فاحصين، كأنهم كيقراو الأفكار اللي مخبية:

  • "كنسمع باللي كتقلب توسع خدمتك… وكتحلم تولي معلم ف السوق."

سامر عينيه ضاواو للحظة، بحال اللي ما كانش متوقع يسمع داكشي مباشرة:

  • "إي معلمي… بغيت ندير شي حاجة كبيرة، نبني سمعة، ونجمع فلوسي…"

المعلم حسن قاطعه، ولكن بابتسامة صغيرة:

  • "على ود ياسمين، ما هاداك؟"

تسمر سامر ف بلاصتو… حس براسو عريان قدام معلمو، ولكن شد نفس وقال:

  • "إي… حبها هو اللي عطاني الشجاعة نحلم كبير."

المعلم حسن بقى ساكت شوية، ومن بعد ضرب على كتفو:

  • "راه الحب ولدّي، بحال الفران، إيلا ما سخنتيش عليه الحطب، يبرد ويطفى… خاصك تعمر فرانك بالخدمة، بالجدية، وبالصبر. وأنا غادي نعاونك."

سامر ف داك اللحظة حس بدموع بغات تخرج، ولكن عض على سنانو وقال بصوت مرتعش:

  • "شكراً معلمي… والله لا نخيبك."

ف دار ياسمين

فهاد الوقت، ياسمين كانت ف غرفتها، وعقلها محصور بين الخوف والأمل. الأم ديالها دخلات عليها، وشافت كيفاش بنتها كتقلب ف نوافذ الشرجم بحال اللي كتسنى شي معجزة.

  • "آ بنتي، آش كاتسناي؟"

ياسمين تنهدات:

  • "ماما… ما عرفتش كيفاش غادي ندير، راه بابا باغي يزوجني بولد عمي، وقلبي مشغول بسامر."

الأم قعدات حد بنتها، وعينيها فيهوم الحنان ولكن حتى القلق:

  • "راجل بحال باباك، صعيب يبدل رأيو… ولكن الحب ديالك لسامر، واش يكفي باش تواجهو؟"

ياسمين جاوبت بحزم:

  • "إي ماما… سامر ما غاديش يستسلم، وأنا حتى أنا."

المواجهة الغير المباشرة

مع العصر، الحاج عبد القادر جلس مع ولد خوه، سعيد، اللي جا يطلب يد ياسمين رسمياً. كان رجل من المدينة، أنيق، ولكن فيه برودة فالتعامل، بحال اللي شايف الزواج غير صفقة ناجحة.

  • "الحاج، راه بغيت كلشي يكون على سنة الله ورسوله، والعرس يكون قريب، باش ما نضيعوش الوقت."

الحاج عبد القادر عجبو داك الكلام اللي فيه الحزم، وحس بالراحة حيث كيشوف ف سعيد واحد الراجل اللي "مناسب" لبنتو، على الأقل ف نطرو.

ولكن فالقلب ديال ياسمين، كل كلمة قالها سعيد كانت بحال خنجر صغير، وكل مرة كتحاول تتخيل المستقبل معاه، كتزيد كتحس بروحها كتموت شوية بشوية…

الحب ماشي ساهل

مع غروب الشمس، سامر جلس بوحدو حدا الورشة، وشد واحد السلسلة قديمة كانت ديال مو، فيها حجر صغير. بقا كيشوفها وقال ف قلبو:

  • "غادي نربحك ياسمين… حتى إيلا وقفت الدنيا كلها ضدي."

وكانت هادي غير البداية… الحب راه مشا للحرب، والحرب عمرها ما كانت عادلة…

مع طلوع الفجر، سامر كان واقف قدام الورشة، عينيه حمرين من قلة النعاس، ولكن ف قلبو شعلة ديال العزيمة ما كتهداش. اليوم، خاصو يبدا ف تنفيذ الخطة ديالو، باش يورّي للحاج عبد القادر أنه ماشي غير "خضّار" ولا "مول الحديد"، بل راجل طامح، وعندو مستقبل واضح.

بلا تردد، مشى لسوق المدينة، ودخل لورشة المعلم حسن، اللي كان خدام على واحد الباب ديال حديد مزخرف، بحال ديك الأبواب اللي كيلمعو ف وسط الأسواق التقليدية.

  • "معلمي، بغيت نهضر معاك ف موضوع مهم."

المعلم حسن حط المطرقة وقال:

  • "آ سامر، هاد المرة عينيك كيبانو فيها النار… هضر ولدّي."

سامر بلع ريقو وقال بحزم:

  • "بغيت ناخد من عندك صنعة الأبواب الحديدية المنقوشة، بغيت ندير مشروع صغير ف الدوار… نصاوب أبواب، نوافذ، ونعرضهم ف السوق الكبير."

المعلم حسن تقاس عليه، حيت عارف هاد الخدمة ماشي سهلة، كتلزم وقت وصبر وفن:

  • "واخا، ولكن خاصك تبدا من الزيرو… تعلم النقش، الرسم، وخصوصا، كيفاش تخدم بالجودة."

سامر شد نفس وقال:

  • "أنا مستعد نخدم ف ورشتك بنص الثمن… ولكن علمني المعلم."

المعلم حسن ضحك وقال:

  • "آ سامر، اللي كيخدم باش يربح قلب الحبيبة، كيربح حتى الخدمة… سير لبس الصديرية، وبدا معايا من دابا!"

من بعد يوم شاق فالورشة، سامر مشى عند صديقه "عمر"، اللي كان خوه كاري محل ديال بيع مواد البناء. عمر كان دايماً كيساند سامر، وعارف باللي صاحبو كيجري ورا الحب ديالو بحال الأسد.

  • "آ عمر، بغيتك ف واحد الخدمة."

عمر تبسم وقال:

  • "شنو سامر؟ إيلا على ياسمين، راني معاك ف الحلوة والمرّة."

سامر بسط الورقة قدامو:

  • "بغيت ندير حساب بسيط، باش نجمع فيه أي درهم كنربحو، وغادي نصاوب أول باب نقشو مع المعلم حسن، ونعرضو ف السوق."

عمر صفّر وقال:

  • "طامح آ صاحبي! ولكن باش تخرج باب منقوش، خاصك فلوس للحديد، والأدوات، وحتى المحل باش تعرضو…"

سامر عقد حواجبو، ولكن بابتسامة فيها التحدي:

  • "غادي نخدم فالنهار ف الورشة، وفالليل ف الحوانت ديال الدوار… نخدم حتى ف تحميل السلع، إيلا لزم الأمر."

باش يكمل خطتو، سامر بقى كيدور على الناس ف الدوار، خصوصاً الشيوخ والناس اللي عندهم كلمتهم، باش يعرفو أنو ماشي مجرد "عاشق مغفل"، بل راجل كيجاهد باش يبني مستقبله.

واحد النهار، مشى عند الحاج حمزة، صديق قديم ديال الحاج عبد القادر، والمعروف ف الدوار ب"الرجل الحكيم":

  • "الحاج حمزة، بغيت نخدم ليك باب حديدي للدار، بأرخص ثمن…"

الحاج حمزة ضحك وقال:

  • "آش كاين آ سامر؟ كتقلب ترضي عبد القادر ولا شنو؟"

سامر جاوب بثقة:

  • "بغيت نورّي للجميع، ولبنتو بالخصوص، باللي أنا راجل قادر نصنع مستقبلي بيدي."

مع مرور الأيام، سامر كان كينعس ساعات قليلة، النهار فالورشة، والليل ف السوق. ياسمين كانت كتوصلها الأخبار بصمت، وكل ما كانت كتسمع شنو كيدير سامر، كان قلبها كيغلى… الحب ماشي غير كلام، سامر كان كيورّي أنو مستعد يبني حتى جبل باش يكون معاها.

ولكن… واش الحاج عبد القادر غادي يشوف هاد المجهود؟ واش الخطوات ديال سامر غادي تكون كافية باش تربح القلب العنيد ديال الأب؟

مرت أيام، ولكن بالنسبة لسامر كانت بحال شهور، والعرق ما ناشفش من جبينو. الورشة ديال المعلم حسن ولاّت بحال الدار الثانية، وهو خدام بلا توقف، الحديد كيتطوى تحت يديه، والنقوش بدات كتخرج بحال الزهر فوق الباب اللي كان كيحضّرو. هاد الباب كان الأمل ديالو… أول خطوة باش يقنع الحاج عبد القادر.

ف دار الحاج عبد القادر، ياسمين كانت عايشة وسط صراع كبير. الحاج بدى كيعزز العلاقة بينها وبين ولد عمها سعيد، وكيقنعها بأن الزواج خاصو يكون ف أقرب وقت.

  • "آ بنتي، سعيد راجل مزيان، وعندو دار فالمدينة، وما غاديش يخصك والو."

كانت ياسمين كتحاول بكل قوتها تبقى هادئة، ولكن ف قلبها، الإحساس ديال القهر كان كيغلّي. الأم ديالها حاولت تخفف عليها، ولكن حتى هي، كانت عاجزة قدام القرار ديال الراجل ديالها.

نهار السوق الكبير جا. سامر وجد الباب الحديدي المنقوش، واختار واحد الزاوية اللي كلشي كيشوفها باش يعرض خدمتو. المعلم حسن كان حداه، وكيشجعو، وقال ليه:

  • "آ سامر، اليوم، ما غاديش تعرض غير باب… غادي تعرض قلبك، ومستقبلك."

الناس بدات كتلتم على الباب، كل واحد كيمس الحديد، كيشوف الزخرفة، كيسول على الثمن… وسامر كان كيشرح بصوت مفعم بالحماس:

  • "هدا ماشي غير باب… هدا رمز ديال القوة والجمال، مصوّب بإيدين اللي باغين يبنيو المستقبل."

فوسط الزحام، الحاج عبد القادر كان واقف بعيد، وعينيه كيضيقو وهو كيشوف سامر، ولكن بوجه بلا تعبير. سعيد حتى هو جا للسوق، وبمجرد ما شاف سامر، ضحك بسخرية:

  • "آه… حتى الحديد ولى طريق للحب دابا؟"

سامر ما جاوبوش، ولكن شد ف الباب أكثر، حيت عارف أن الهدرة ما غاديش تبدل شي حاجة… الخدمة هي اللي غادي تهدر عليه.

اللحظة الكبيرة جات فاش جا عندو واحد الراجل غني، وقال:

  • "بغيت نفس الباب… ولكن أكبر، لباب الدار الكبيرة ديالي."

سامر فرح ف الداخل، ولكن حاول يبقى هادئ وقال:

  • "غادي نصاوبو ليك بأفضل جودة… وغادي تشوف الفن الحقيقي."

المعلم حسن ضحك ف صمت، وعرف باللي سامر، واخا الحب هو اللي كان كيحركو، ولى كيعرف يلعب لعبة الكبار.

ف المساء، وهو كيجمع الباب باش يرجع للورشة، سامر شاف من بعيد ياسمين واقفة قدام الدار ديالهم، تحت ضوء القمر، وعينيها عامرين دموع… ولكن فيها ذاك البصيص ديال الأمل.

ما قالو والو لبعضياتهم، غير نظرة، ولكن كانت أقوى من ألف كلمة… النظرة ديال "أنا هنا… وما زال غادي نحارب."

كل شيء تغير ف ليلة وحدة، وكل خطوة كانت كتخلي سامر يكتشف أكثر أن الحياة ماشي ساهلة، ولكن كيوجد لها الطريق، بالقلب، بالصبر، وبالحب. ف المساء ديال يوم الخميس، كان سامر جالس قدام باب حديدي ضخم، مرسوم عليه نقوش جميلة، كأنها لوحة فنية كتحكي قصة ديال عزم، حب، وتضحية. كان سامر كيشوف الباب وهو حاسس أن هاد الشي كان البداية ديالو.

الحاج عبد القادر قرر يجي يزور السوق ف نهار الجمعة. كانت زيارة عادية، ولكن ما كانش عارف أنها غادي تكون لحظة حاسمة. دخل السوق، وكان كيحاول يبدي احترامه للناس، ولكن عيناه تلقاو مع سامر اللي كان واقف قدام الباب اللي عرضو.

  • "هاد الباب شكون صنعو؟"

قالها الحاج عبد القادر بصوت عميق، بحال واحد الشخص اللي حاس بشي حاجة غريبة داخله.

سامر قرب وقال بصوت هادئ، ولكن مليء بالثقة:

  • "أنا، الحاج… هذا الباب مصوّب بإيدي، ومزين بكل تفصيل، بحال ماشي غير حديد، ولكن رمز ديال اللي كيجري وراء حلم."

الحاج عبد القادر صمت للحظة، وكان كيحلل كل كلمة قالها سامر، وكل زاوية ف الباب اللي أمامو. ثم قال:

  • "معقول… معقول هاد الخدمة… ولكن واش تكون قدها، وتكون قد المسؤولية؟"

سامر تنهد وقال:

  • "أنا ما بغيت غير الفرصة… الفرصة باش نثبت لك، أني راجل مستعد نخدم ونكافح، ونبني مستقبل بيدي."

عيني الحاج عبد القادر بداو يلمعو، وكأنو كيحس بشي حاجة كبيرة ف سامر. ثم أخيراً قال:

  • "أنا قبلت… ما غاديش نخليك بعيد على ياسمين، سامر."

هدي كانت الكلمات اللي غيرات كلشي. قلب سامر دق بسرعة، والدموع كادوا يطلعوا من عينيه، ولكن هو بقى ساكت، وبقا غارق ف الفرح والارتياح.

ياسمين كانت واقفة بعيد، تشوف المشهد وهي حاسة بشي حاجة كبيرة داخلها. سامر كان كيحاول يمسك أعصابه، ولكن اللحظة كانت غالية بزاف.

"الحاج عبد القادر قال…" سامر بدأ وقال ليها وهو مشدود للأرض.

  • "قال ليّ نعم، ياسمين… وأنا مستعد نبني معاك كلشي."

ياسمين قربت منه، وعينيها امتلأو بالدموع، ولكن هاد المرة، دموع فرح، دموع أمل.

  • "أنا فخورة بيك، سامر."

والكلمات هادوك خرجوا من قلب ياسمين بحال إشارة للنهاية ديال معركة طويلة، ولكن البداية ديال حلم مشترك.

في الأسابيع اللي بعدو، سامر بدا يصاوب أبواب ونوافذ حديدية، والمشروع ديالو بقا كيكبر وكيحقق النجاح اللي ما كانش كيتخيلو. المعلم حسن كان دايماً حداه، كيدعمو وكيعلمو أكثر وأكثر. ياسمين كانت دايماً حاضرة ف كل خطوة، كانت جزء من النجاح ديالو، ومن الحلم اللي بدؤوه مع بعض.

الحاج عبد القادر كان فخور بسامر، وقرر يفتح ليه ورشة جديدة تحت رعايتو.

سامر، هو وياسمين، بقاو يشتغلو سوا ف دوتهم، وحققو حلمهم. وكل ليلة، كانو يقعدو تحت السما، يشوفو النجوم مع بعضهم، ويفكرون ف الطريق اللي دازو منها.

كانوا عارفين أن الحياة ما غاديش تكون ساهلة، ولكن ف قلبهم كانو متأكدين أن الحب ديالهم هو أقوى من أي حاجز.

وهكذا، كان الحب الحقيقي مشي مجرد كلمات، ولكن كان فعل، كان شجاعة، وكان وقوف مع بعض ف وقت الشدة، وكانت معركة ف كل لحظة من حياتهم.

وفهاد اللحظة، كانوا سامر وياسمين، بداية جديدة لبناء مستقبلهم، وهاد المستقبل كان كله حب، شجاعة، وعزيمة.

ويلا بغيتي تحكيلينا قصتك نتا دخل هنا : حكي لينا قصتك