الحب من النظرة الأولى ( قصة قصيرة )

author image

قصة حب من النظرة الأولى بالدارجة

قصص قصيرة بالدارجة المغربية
حب من أول نظرة

كنت ديما كنقول أن خدمتي ف سلك البوليس غادي تخليني نشوف كلشي… نشوف الموت، نشوف الدم، نشوف الخيانة، ولكن ما عمري تخيلت أنني غادي نعيش واحد القصة اللي غادي تحفر ف قلبي قبل عقلي. البداية كانت عادية… مورا ما ساليت القراية، تعيّنت ف سلك الشرطة، وتخصصت ف التحقيق ف الجرائم. حياتي كانت كلها تحقيقات، أدلة، وشهادات… كنت كنشوف المجرم وكنعرفو من النظرة اللولة، بحكم التجربة، ولكن فهاد القصة، المجرم كان لابس قناع الحب، وبزاف ديال الناس، وأنا واحد منهم، ما قدرناش نشوفو.

فواحد النهار، وأنا ف المكتب، جا عندي صاحبي "كريم" اللي خدام معايا، وقال ليا: "آ خويا، عندي دعوة لحفل ف واحد المركز ديال ذوي الاحتياجات الخاصة… ما بغيت نمشي بوحدي، غادي تجي معايا؟" كريم كان صاحبي من سنوات، خدمنا ف بزاف ديال القضايا مع بعضياتنا، وكان ديما الراجل اللي كيبان قوي قدام الناس، ولكن ف الداخل… الله أعلم. وافقت نمشي معاه، حيث بصراحة بغيت نهرب شوية من جو الجرائم والموت… قلت علاش لا؟

نهار الحفل، وصلنا للمركز، ودخلنا لقاعة متوسطة، الناس بدات كتحضر، والأجواء كانت مزيانة، ولكن المفاجأة هي فاش بدات الفرقة كتعرض، واكتشفنا أن اللي كيغنيو ويرقصو هما شباب وصبايا من ذوي الاحتياجات الخاصة… منهم اللي ما كيسمعش، منهم اللي ما كيهضرش، ولكن كل واحد فيهم كان عندو واحد الطاقة اللي كتبان من بعيد. وأنا غارق كنشوف فالعرض، حسيت بكريم كيقرّب ليا وهمس ف ودني: "واش كتعرف الحب من أول نظرة؟" ضحكت، وأنا ما زال مركز مع العرض: "هادي جديدة عليك… شنو عندك؟" عينيه كانت مشدودة على واحد البنت واقفة ف وسط الخشبة… كانت زوينة، ملامحها رقيقة، وشعرها مسدول على كتافها… ولكن كان واضح أنها صماء وبكماء، حيث حتى الحركات ديالها كانت بحال لغة الإشارة، كتعبر بعينيها وبإيديها على كل كلمة بغات تقولها. كريم زاد قال، وعينيه ما تفارقوش هاديك البنت: "ما عرفت شنو وقع ليا، ولكن حبيتها…" تخلعت، قلت ف راسي: "واش كيهضر بصح؟" ولكن عينيه كانو صادقين، فيها داك اللمعان ديال واحد الإنسان اللي وقع ف الحب بلا ما يحس… بلا ما يختار.

مورا الحفل، مشينا نقهويو، وهاديك هي اللقطة اللي فهمت فيها أن كريم غارق حتى لودنيه… كان كيهضر عليها بطريقة غريبة، كيفاش أنها بنت بحال الملاك، وأنه بغا يتزوجها، وأن الإعاقة ديالها ما كتهموش. كل نهار، كان كيهضر عليها، حتى وليت كنخاف عليه… الحب ديالو كان قوي بزاف، بحال واحد العافية اللي شاعلة ف القلب.

واحد النهار، طلب مني نمشيو لمركز طبي، وأنا ما كنتش فاهم علاش. دخلنا لعند الطبيب، وأول حاجة سوله كريم: "إيلا تزوجت بواحد البنت اللي صماء وبكماء… ولادنا غادي يورثو الإعاقة ديالها؟" الطبيب طمأنو، وقال ليه أن الإعاقة ديالها ما كتورّثش. كريم فرح بطريقة هستيرية… عانقني، وبدأ كيقول: "غادي نتزوجها… غادي تولي مراتي!" ما مرتش أيام كثيرة، وصاحبي فاجأني بدعوة العرس… العروس؟ هي البنت اللي شافها ف داك الحفل. ف النهار الكبير، كانت العروسة بحال الملاك، لابسة فستان أبيض بسيط، ودايرة واحد الابتسامة اللي كتقطع القلب… بحال إلى كتقول: "أنا أخيرًا لقيت اللي بغاني كيف ما أنا". فرحت ليه من قلبي، وتمنيت ليهم حياة زوينة.

الأيام دازت، وكريم بدا كيعيش السعادة، وخصوصًا فاش ولدت ليه مراتو بنت زوينة بحال القمر… كان كيشوفها بحال إلى الدنيا كاملة بين يديه. كل مرة كنت كنقول ليه: "كيف عايش؟ بخير؟" وكان ديما كيرد عليا بضحكة: "راني مزوّج بواحد المرأة مثالية… لا كتسول فين كنت، لا علاش تأخرت…" وكان كيضحك: "ولكن صراحة… عينيها كيسولو بلا ما تهضر." الوقت داز، وزاد الله ف رزقهم بولد زوين. من ثلاث نفرات، ولات عندهم عائلة صغيرة، غارقة ف الحب… ولا هاديك هي الصورة اللي كنت كنشوف.

ولكن واحد النهار، لقيت كريم قاعد ف المكتب، ساكت، وعينيه طافيين… بحال اللي فيه شي حاجة كتحرقو من الداخل. طلب مني نمشيو نقهويو، وفاش جلسنا، قال ليا بجملة بحال السهم: "بغيت نطلّق مراتي…" صدمة… "علاش؟ وبولادك؟" كريم تنهد، وقال: "بغيت نعيش بحال الناس… نبغي واحد المرأة نهضر معاها، نشارك معاها همي… هي زوينة، نعم… ولكن ما كتسمعنيش، وما كتجاوبنيش." مضت الأيام، وتزوج كريم بواحد المرأة أخرى… وخلا مراتو الأولى، اللي ما كانتش عارفة أنه غدرها، عايشة مع وليداتها.

وفجأة، جاني اتصال ف نص الليل… دار كريم تحرق، ومراتو وولادو ماتو بالختناق. التحقيقات قالت أن السبب هو تماس كهربائي، ولكن الشك بقى كيلاحق كريم، حيث الجيران شافوه خارج بالليل… ومورا شهور، جا واحد الخبر صادم… الزوجة الثانية ديالو تقتلات بضربة ساطور ف الراس، والقاتل كان السائق ديالها. الصدمة الأكبر؟ القاتل اعترف أن الزوجة الثانية هي اللي طلبت منو يقتل الزوجة الأولى، باش تبقى هي "الوحيدة" ف حياة كريم… ف النهار اللي تبرأ فيه كريم من الجريمتين، خرج من الخدمة، سد التليفون، واختفى… لا خبر لا أثر… بقيت أنا كنقلب عليه، ولكن بحال إلى الأرض بلعاتو… بحال إلى اختفى مع الحب اللي قتل كلشي ف طريقو.